الباوباب شجرة غريبة تنتشر في مدغشقر، حيث تستخدم في الغذاء
والدواء والبناء واختزان الماء، وتستقطب السياح بفرادتها والأساطير التي
تحاك حولها. لكن ممارسات القطع والحرق تهددها بالزوال
غالباً ما يطلق عليها اسم "شجرة الحياة". إنها شجرة الباوباب التي
تنتصب بشكلها الفريد رمزاً لطبيعة جزيرة مدغشقر الاستوائية الخلابة
.
.
وتعتبر هذه الدولة الجزيرية، الواقعة في المحيط الهندي قبالة الساحل
الجنوبي الشرقي لأفريقيا، موطناً لستة من ثمانية أنواع من هذه الشجرة
المعمرة. أما النوع السابع فيوجد في البر الأفريقي وشبه الجزيرة العربية،
فيما ينمو النوع الثامن في أوستراليا.
يُزعم أن بعض أشجار الباوباب معمِّرة منذ آلاف السنين، وهذا يصعب
التثبت منه، لأن الجذع لا ينتج حلقات نمو سنوية. لكن يمكن تقدير عمرها
باستخدام تقنية الكربون المشعّ.
ارتبط الشكل الغريب لشجرة الباوباب الباسقة، التي تعرف أيضاً بالشجرة
المقلوبة، بالعديد من الخرافات والأساطير على مر القرون. وتقول إحداها إن
الشجرة ظلت تمشي وتبتعد بعدما غرستها الجبابرة، فاقتلعتها وزرعتها رأساً
على عقب.
يختزن الباوباب الماء داخل جذعه المنتفخ بكميات كبيرة قد تصل الى 120
ألف ليتر لتحمّل ظروف الجفاف الشديد. وتنتشر كل أنواعه في مناطق جافة
موسمياً، وهي تطرح أوراقها أثناء موسم الجفاف.
يصل ارتفاع الباوباب الى 30 متراً، وقطر الجذع الى 11 متراً. وتستعمل
أوراقه كالخضار، فتؤكل طازجة أو كمسحوق مجفف، ويطبخ منها حساء يدعى "كوكا"،
كما تستعمل كنباتات طبية.
ويبلغ طول ثمرة الباوباب نحو 18 سنتيمتراً، هي بحجم ثمرة جوز الهند
وتزن نحو 1.5 كيلوغرام. لها قشرة مخملية ناعمة. طعمها حرِّيف مائل الى
الحموضة، يجمع بين طعم الغريبفروت والإجاص والفانيليا. وهي تؤكل طازجة،
ويسحق لبها المجفف ويمزج بالعصيدة والأشربة، كما يصنع منه مكثف للمربيات
والمرق. وهي غنية بالفيتامينات، وتستعمل في الطب التقليدي لعلاج أمراض
المعدة وسواها.
في السودان، تدعى شجرة الباوباب "تبالدي"، ويستعمل السكان تجويف جذعها
لاختزان الماء في موسم المطر. وفي مدغشقر، التي تعتبر من أفقر دول العالم،
يستعمل خشب الباوباب لبناء المنازل، كما يعتبر من المفاتن التي تجذب
السياح.
وتُستعمل بذور الباوباب كمكثف لليخنة، لكن يمكن أيضاً تخميرها لتتحول
الى تابل، أو تحميصها لتؤكل كاملة، أو سحقها لاستخراج زيت نباتي.
يقول المدافعون عن البيئة إن أسلوب "القطع والحرق"، أي قطع أشجار
الغابات وحرق الأرض بغرض إعدادها للزراعة، دمر كثيراً من غابات مدغشقر وما
تحويه من أشجار الباوباب. وما لم تتخذ إجراءات وافية للحماية وتغيير
سلوكيات السكان، فان ذلك يهدد بخسارة المزيد من الغابات، ويعرض أشجار
الباوباب المتبقية لخطر الزوال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق